إِنِّي أَقُوْلُ لِنَفْسِيُ وَهْيَ ضَيِّقة * و قدْ أناخَ عليها الدهر بالعجبِ
صبراً على شدة الأيام إنَّ لها * عُقْبَى وَمَا الصَّبْرُ إلاَّ عِنْدَ ذِي الحَسَبِ
سيفتح الله عن قرب بنافعة * فِيْها لِمِثْلِكَ رَاحَاتٌ مِنَ التَّعَبِ
هي حالان شدة ورخاءِ * و سجالان نعمة وبلاءِ
و الفتى الحاذق الاديب اذا ما * خَانَهُ الدَّهْرُ لَمْ يَخُنْهُ عَزَاْءُ
إن ألمت ملمة بي فإني * في الملمات صخرة صماءِ
عَالِمٌ بِالبَلاَءِ عِلْما بأن * لَيْسَ يَدُومُ النَّعِيمُ والبَلْوَاْء
لَيْسَ يرجُو اللهَ إِلاَّ خائفٌ * منْ رجا خافَ ومَنْ خافَ رَجَا
قَلَّمَا ينجُو امرُوءٌ منْ فتْنَة * عَجَباً مِمَّن نجَا كَيفَ نَجَا
وكيفَ تريدُ أنْ تُدعى حَكيماً * وأنتَ لِكُلِّ مَا تَهوى رَكُوبُ
وتُصْبِحُ ضاحِكاً ظَهراً لبَطنٍ * وتذكُرُ مَا اجترمْتَ فَمَا تَتُوبُ
أراكَ تَغيبُ ثمّ تَؤوبُ يَوْماً * وتوشِكُ أنْ تغِيبَ ولا تؤُوبُ
محنُ الزَّمانِ كثيرة لا تنقضي * وسرورهُ يأتيكَ كالأعيادِ
مَلَكَ الأَكَابِرَ فَاسْتَرقَّ رِقَابَهُمْ * وَتَرَاهُ رِقًّا في يَدِ الأَوْغَادِ
قنعتُ بالقوتِ من زماني * وَصنتُ نَفسِي عَنِ الهَوانِ
خَوفاً مِنَ النَّاسِ أنْ يَقولُوا * فضْلُ فلانٍ عَلَى فلاَنِ
مَنْ كُنْتُ عَنْ مَالِهِ غَنِيّاً * فلا أبالي إذا جفاني
وَمَنْ رَآنِي بِعينِ تمٍّ * رأيتهُ كاملَ المعاني
لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ *** فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ
هي الأمورُ كما شاهدتها دُولٌ *** مَن سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ
وهذه الدار لا تُبقي على أحد *** ولا يدوم على حالٍ لها شان
يُمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ *** إذا نبت مشْرفيّاتٌ وخُرصانُ
وينتضي كلّ سيف للفناء ولوْ *** كان ابنَ ذي يزَن والغمدَ غُمدان
يا واعظَ الناس عمَّا أنتَ فاعلهُ * يَا مَنْ يُعَدُّ عَلَيْهِ العُمْرُ بِالنَّفَسِ
احفظ لشبيكَ من عيبٍ يدنسهُ * إنَّ البياض قليلُ الحملِ للدنسِ
كحاملٍ لثياب النَّاسِ يغسلها * وثوبهُ غارقٌ في الرَّجسِ والنَّجسِ
تَبْغي النَّجَاة َ وَلَمْ تَسْلُكْ طَرِيقَتَهَا * إنَّ السَّفِينَة َ لاَ تَجْرِي عَلَى اليَبَسِ
ركوبكَ النَّعشَ ينس...
من كان يملك درهمين * تعلمت شفتاه أنواع الكلام فقالا
وتقدم الاخوان فاستمعوا له * ورأيته بين الورى مختالا
لولا دراهمه التي يزهو بها * لوجدته في الناس اسوأ حالا
ان الغني اذا تكلم مخطئاً * قالوا صدقت وما نطقت محالا
اما الفقير اذا تكلم صادقا * قالوا كذبت وأبطلوا ما قالا
يا واسعَ اللطفِ قدْ قدمتُ معذرتي * إنْ كانَ يغني عنِ التفصيلِ إجمالُ
فجدْ على َّ ولا طفنى بعفوكَ عنْ * ذنبي فشأنكَ إنعامٌ وإفضالٌ
و قلْ كفيتكَ يا عبدَ الرحيمِ أذى الدَّ * ارينِ فانزلْ حمى ما فيهِ إهمالُ
لكُلّ أمرٍ جَرَى فيهِ القَضَا سَبَبُ * والدَّهرُ فيهِ وفِي تصرِيفِهِ عَجَبُ
مَا النَّاسُ إلاَّ مَعَ الدُّنْيا وصَاحِبِهَا * فكيفَ مَا انقلَبَتْ يَوْماً بِهِ انقلبُوا
يُعَظّمُونَ أخا الدّنْيا، فإنْ وثَبَتْ * عَلَيْهِ يَوْماً بما لا يَشتَهي وَثَبُوا